• ١٧ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٩ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هكذا نتعلم من الحياة...

أ. عاطف صالح المشهراوي

هكذا نتعلم من الحياة...

لا شك أنّ دروس الحياة عظيمة... والطريقة التي نتلقى بها تلك الدروس يسيرة... فالحياة مزدحمة بكلّ ما يمكن أن نتعلمه منها، ومع ذلك فإنه من الغرابة حقاً أنّ بعض الناس لا يتعلمون ما يحقق لهم راحتهم بل لا يريدون أن يأخذوا كلّ صغيرة وكبيرة منها على محمل الجد ليحظوا بأوفر قسط من الرضا والراحة في حياتهم.

أجل لقد علمتنا الحياة وبكلّ تواضع أننا لو أردنا الفوز في الدنيا والآخرة علينا التقرب إلى الله، ومن ثم العيش باحترام ومحبة مع الآخرين...

يقولون "رضا الناس غاية لا تدرك" وقد ثبت هذا القول حقيقة فعلية، لأنّ الناس ببساطة يختلفون عقلاً وفكراً ومضموناً مع اختلافهم في أمور جوهرية يستحيل إرضاؤهم جميعاً، فاختلاف العقول تكون في قوة الاستنباط، ولكن من الحسنى أن نتعاون مع من يحتاج إلى المساعدة والمساندة، ولا بد أن يكون كلّ واحد منا بسمة ونسمة تسعد وتنعش كلّ من هو بحاجة إلى الحرية، ولن يقلل من مكانتنا شيئاً إن ابتسمنا في وجوه الآخرين لربما كانت تلك الابتسامة علاجاً لبعض مشاكلهم وأمراضهم وراحة لنفوسهم، وبالتالي فإنّ المحبة ستنتشر بينهم...

فالحياة علمتنا أن لا نكون متجهمين الوجه ولا دائمين الضحك، ولكن لا ندع الابتسامة تفارق وجوهنا، فقد أثبتت التجارب أنّ الذي يتمتع بالابتسامة يستطيع أن يسيطر على هموم كثيرة... أما الإنسان العابس الذي يدفن نفسه تحت أثقال من التوتر سينهار تحت وطأة تلك الأثقال.

وبالتالي تعلمنا من الحياة ألا نندم على معروف صنعته أيدينا، فالمعروف لو ضاع عند العبد لا يضيع عند الرب، وأن ننظر إلى مشاكل ومصائب الآخرين ونعتبر منها ونبتعد عن الأسباب التي دفعتهم إلى الوقوع فيها، وإلّا فلن نكون إلّا حادثة متكررة لا جديد فيها إلا أنها أضافت رقماً جديداً إلى سابقاتها، فالعاقل من يعتبر مما بقع فيه غيره وليس من يعتبر مما بقع فيه.

وعلمتنا الحياة أيضاً أن لا نستسلم للملل الذي يأتي نتيجة وجود الفراغ في حياتنا لعدم تحديد الأهداف، فالملل كفيل بقتل روح من يتمكن منه، ويقتل بهجة الحياة في عينيه ونفسه، لذا لا بد من تحديد الأهداف للوصول إليها مهما أصابنا من متاعب، فمواجهة المتاعب ومعالجتها والانتصار عليها لا تشعرنا بالملل إطلاقاً.

كما أنّ الحياة علمتنا أن نكشر عن أنيابنا أمام كلّ من اغتصب ويريد أن يغتصب حقوقنا في الحياة، وأن نكون عاصفة شديدة تجتاح كلّ من تسوله نفسه الوقوف أمام حقوقنا أو يحاول، فنحن نحيا في زمن ضاعت فيه أسمى المعاني واختلفت فيه كلّ المقاييس والمعايير السلمية، وامتلأت بل شحنت بعض نفوس الناس بالأنانية والضغينة، ولم يعد هناك متسع للحب والحقّ والتسامح إلا من رحم ربي.

ارسال التعليق

Top